“Book Descriptions: لعلَّ سؤال العنوان هو أوَّلُ ما يتبادرُ إلى ذهن القارئ حين يمسكُ بهذا الكتابِ الصغير المحتشدِ بحكايات البشر، بملامحهم المتعَبة، بالتجاعيدِ التي يسكنونها في وجهِ الشاعرِ وبين كلماتهِ وهو يردِّدُ لازمة "النهاياتُ صارتْ واضحةً"، بينما يمكنُ للقمرِ أن يمسي "قنبلةً غير مكتملةٍ الاستدارة/ معلَّقة في الفضاء/ بانتظار نزع الفتيل". لا اختبارَ هنا إلَّا اختبار الألم، الخسارة، والذكريات. والعنوان المرسومُ كلوحةٍ تختصرُ مسيرةَ الإنسان في المدينة وبين الحشودِ؛ يحلِّقُ كعصافير تُسمَعُ زقزقتُها بين القصائد، ويتردَّدُ صدى خفق أجنحتها في الأحلام كما الكوابيس، بين الواقع والخيال، بين القصيدةِ ومنحاها لتكونَ حقيقة فاتَ أوانُ إدراكها. لكن الشاعر محمود خير الله لا يتركُ الأشياء معلَّقة في فضاءٍ مفتوح، بل يُسمِّيها ويوثِّقُ تفاصيلها، صانعاً لها كينونةً جديدةً في فضائه الخاص. لعلَّه أيضاً إدراكُه الواعي بأن الشعرَ شريطٌ سينمائيٌّ مركَّبٌ، لا يمتزجُ بالواقع إلَّا لكي يفكِّكه ويعيدُ تركيبه بمزاجِ لغةٍ حرَّةٍ لا تخجلُ من النومِ على الرصيف، والتشرُّد مع الجوعى والفقراء والثوَّار والمجانين، بوصفها، أيْ اللغة، لسان حالِ الطبقات الشعبية المدحورة. لغةٌ تدركُ الحمل الثقيل الذي يحمله الشاعر حين يقول: طويلٌ/ صدئٌ.../ مثل مفاتيحِ البُيُوتِ القديمة،/ هذا العمرُ الذي أحملهُ على ظهري". نافياً - في قصيدةٍ أخرى - أنَّه يتذكَّر، أو يستعيد، أو يستحضر هؤلاء الناس الذين يسكنون أيَّامه وهم يعرقون في الأحلام. مع محمود خير الله، نصافحُ شاعراً حقيقيَّاً يدعونا لإعادة تعريف "الحبّ"، ولشراء مقبرةٍ واسعة "لكي ندفِنَ فيها هزائمَنا/ الثورات التي ترَكناها معلَّقةً" والكثير من الغرباء والأشياء والمشاعر المربِكة، وحتَّى القصائد التي ترسمُ لنا صورةً حزينةً تُشبِهننا، وتستحقُّ أن نقرأها كما لو كنَّا نجلسُ على شرفةٍ تطلُّ على المدينةِ، ندخِّنُ "يأسَ رجلٍ لا يريدُ أن ينتمي إلى هذا العالم".” DRIVE