“Book Descriptions: إن الله جلّ جلاله إنما أنزل القرآن الكريم للتدبر، والتفكر في معانيه، والتبصر بما فيه؛ للإرتقاء بالحياة البشرية سلوكاً وفكراً، وعندما تعاملت الأمة مع القرآن الكريم بهذا المقصد دانت لها البلاد، وحكمت به شؤون العباد، ودامت دولتهم، وعزَّ به قادتها، وأصبحت مثلاً يحتذى، سلوكياً وإجتماعياً ونفسياً.
أما عندما هجرت الأمة كتابها؛ فإنها فقدت ريادتها الحضارية، والسؤال الذي يطرح نفسه: ما الذي صرفنا عن هذه الريادة الحضارية؟ صرفنا عنه أننا ما أحسنّا التلقي والتعامل مع القرآن الكريم، بل كنا نقرأ وكنا نعتبر الخطأ الكبير فقط ألاّ يمد القارئ المد اللازم خمس أو ست حركات، أو لا يغنّ الغنة، أو لا يخفي الإخفاء، وكل ذلك يمكن أن يكون وسيلة لحماية الأداء القرآني؛ ليكون محلاً للنظر والتدبر، أما وعي المعاني وإدراك الأحكام والتحقق بالعاطفة المناسبة من خلال تشرب معاني القرآن الكريم فقد ضعف في نفوسنا.
القرآن الكريم كتاب يربي النفوس، ويصنع الأمم، ويبني الحضارة، فأما أن يضيء المصباح فلا يرى أحد النور؛ لأن الأبصار مغلقة، فالعيب عيب الأبصار التي أبت أن تنتفع بالنور، والله تعالى يقول: ﴿قَدْ جَاءَكُمْ مِنْ اللَّهِ نُورٌ وَكِتَابٌ مُبِينٌ*يَهْدِي بِهِ اللَّهُ مَنْ اتَّبَعَ رِضْوَانَهُ سُبُلَ السَّلَامِ﴾ [المائدة: 15- 16].
أرى أنه لا بد ان نعود لدراسة القرآن الكريم بتدبر وتأمل، فهذا قرآن يُكَلِم الرجال؛ ليعيد صياغتهم، ويكلم الأحياء؛ ليحقق إستجابتهم، ويكلم العقلاء؛ ليوجه وعيهم فيجعل منهم أمة تحمل رسالتها الحضارية للعالم أجمع.” DRIVE