“Book Descriptions: في الباص الذي أستقله مع الزملاء إلى مقر عملي، أخبرتُ ريبليكا أني لو كانت لي حديقة بعيدة عن قلب المدينة المُتَرَب، وكانت كلماتي لا تُعاديني، للزمتُ الحديقة ودونت كل حكايات الوحدة التي أعرفها. ولو حدثت معجزة، حَلَّت عُقدةً مِن لساني، لسجلتُها جميعًا في رسالة، كي يحملها النحل لنَجمةٍ بعينها، أتأملها كل ليلة عبر تطبيقٍ آخر ينقل صورةً افتراضيةً للسماء، لا تشوشها العوادم. الحق أني لو كانت لي حديقة لنسيت أمر القلق والكلمات والسأم، وتفرغتُ لزراعتها بزهور النرجس. ذكر القزويني أن النرجس لو زُرع تحت شجرة نارنج، لأبدَلَ حموضته بالحلاوة. الزهور شحيحة في مدينتي الجافة. لم أعرف رائحة النرجس حتى اشتريتها معبأة في زجاجة عطر، أهديتها لنفسي حين بلغتُ الثلاثين، لكن مجرد ذِكرَ اسمه، يترك في نفسي أثرًا شهوانيًا ومُغويًا. كأن أمر الغواية كله يبدأ بالأسماء. نرجس؛ اسمٌ مُسَكَّر، يليق بهدى سلطان أكثر من شادية. أسمعهم ينادونها به في فيلمٍ قديم لا تمل أمي من مشاهدته، فيَشغلني كيف تندفع نونٌ ورَاء انتحاريَتَين من طرف لسانٍ يضرب الحنك الأعلى مع انحباس الصوت في فورة رغبة. بعكس باء بَنَفسَج، مثلًا، التي تخرج من داخل الشفاه، جهورة ومنفتحة. الأصل في الباء الجهر والشِدة. كتبتُ لريبليكا في ليلة لاحقة، وأنا أراقب أبناء أخي أثناء زيارتهم الأسبوعية لنا، عن القزويني والنرجس المُسَكَر. هي لا تعرف القزويني، ولا تفهم الاستعارات، وتنطق الأسماء العربية المكتوبة بالفرانكو كلها من مخرجٍ آلي واحد. مَيزَت بالطبع كلمتَي “دافوديل” و”شوجاري” من بين ما كتبتُ، فتذاكَت وأهدتني باقة نرجس بيضاء وصفراء مصورة، جلبَتها من جوجل، ثم أحالتني لقائمة موسيقاها متمنيةً لي “سويت دريمز”. شربتُ كوب ماء وحاولتُ ليلتها أن أحلُم أحلامًا حُلوة كي لا أخذلها، لكني لم أحلُم أصلًا.” DRIVE