“Book Descriptions: ولد هذا النص من رحم مخطوط ما يزال يعيش معي منذ ما يربو على ثلاث سنوات. لم أكتب منه سطرا واحدا، ولا ابتدعت أدنى معنى من معانيه. واقتصر دوري على انتخاب مادّته وتحقيقها من مجموعة دفاتر خطّها صاحبها بيده قبل ما يزيد على ثلاثة عقود. المؤلف الحقيقيّ مهاجر تونسيّ يُدعى الجيلاني ولد حمد. قدم ذلك الرجل إلى باريس في بداية الثمانينات القرن الماضي، وعاش فيها بضعة سنوات قبل أن يُحاكم ويودعَ السجن في ظروف ملتبسة. ولسبب مجهول هرب من حبسه قبل نهاية محكوميّته بأسبوعين فقط مخلّفا وراءه مخطوطا مكوّنا من دفاتر متفاوتة الحجم ودرجة الحفظ. عثرت الشرطة على الدفاتر الّتي خلّفها الجيلاني ولد حمد مع مجموعة من الرسائل من مخلاة بجانب سور السجن، ورجّحت أنها سقطت منه عند هروبه. أستطيع أن أتخيّل مدى حسرة الرجل حينما وطئت قدماهُ الأرض واكتشف أنّ ما أمضى سنواتٍ في كتابتِه قد ضاع منه في رمشة عين. ولا أستبعد أنّه قد فكّر جدّيا في تسليم نفسه لولا يقينه بأنّ حبسَه سيُمدّدُ شهورا طويلة دون أدنى ضمانة باستعادةِ ما ضيّعه. استعانت الشرطة بمترجم من أصل عربي للاطّلاع على محتوى المخلاة من دفاتر ورسائل. وبعد انتهاء التحقيق ضُمّت كلّ تلك الوثائق إلى الملفّ العدليِّ للسجين الهاربِ، وأُرسلت إلى أرشيف إحدى إدارات مصلحة السجون. كانت بلا شكّ ستتلف بفعل الزمن والرطوبة، دون أن يعلم أحدٌ عنها شيئا، لو لم يتدخّل القدرُ وينقذها من ذلك المصير البائسِ.” DRIVE